بعض المناهج النقدية الحديثة المهمة - في النظرية

 بعض المناهج النقدية المهمة


مناقشة دكتوراه الطالب نضال جقامة


المنهج الثقافي :

                    الثقافة العامة تعني " نظام متراتب مكون من نظم دالة مختلفة ، و متداخلة، يتحقق ارتباطها من خلال علاقتها بنظام اللغة الطبيعية أساسا " ،

          و المنهج الثقافي من اسمه يعني ( نفي النقد الأدبي) ! كيف ذلك ؟ إنه من فروع النقد النصي. و هذا النقد يخالف تيارات النقد الأخرى، فلا تعود الأهمية لتأويل النصوص، و دراسة الخلفية التاريخية..فقط، بل ينصب الاهتمام على التوسع في مجالات الاهتمام و التحليل للأنساق.. و تكون الثقافة النقدية على هذا الفهم هي " المكون المعرفي الشمولي الذي يرصد حراك الإنسان و فاعليته في إبداعاته و إنجازه بذكاء و عقل و فكر و شعور متنوع تقاس خلاله إنجازاته " (1).

مؤسسه :

فنست ليتش ، و أراد به " الإشارة إلى نوع من النقد يتجاوز البنيوية  و الحداثة و ما بعدهما " و هو بذلك أدخل إلى النقد " السسيولوجيا " و " التاريخ " و " السياسة " دون التخلي عن مناهج النقد الأدبي.

·       من دارسي المنهج الثقافي :

-    تارتو : موسكو ، درس الثقافة النصية في مفهومها السيميائي الواسع و أنها " نظام علاقات بين العالم و الإنسان "، و لأنه يختلف هذا النظام من ثقافة لأخرى ، فالعلامات لا تثمن بالطريقة نفسها في الثقافات المختلفة، فمعلومة تعد أساسية في ثقافة ما ، يمكن أن تهمل تماما في ثقافة أخرى !

-         تبع ( تارتو ) : إيفانوف ، و لوتمان، و بياتجورسكي، و توبوروف .. حول الدراسة السيميائية للثقافات .

مبادؤه :

1-    تجاوز الأدب الجمالي.

2-    تناول النص كمنتج ثقافي أيا كان .

3-    دراسة العمل، و لو كان هامشيا.

4-    لا يخضع لشروط الذوق.

5-    لا يعود إلى تأويل النصوص.

6-     عدم التسليم بفكرة المحاكاة أو التخييل .

7-    معاملة النصوص معاملة التأريخ .

8-    يظل المغزى في النقد الثقافي مختلف أو قابلا للاختلاف .

من نقاده العرب المهمين :

إدوارد سعيد، و يرى استعداد الناقد لمساءلة الخطاب النقدي مع انفتاحه على النصوص و المهمشات و إحضارها للمتن الثقافي ..

عبد الله الغذامي ..(1) في كتابه المشهور " النقد الثقافي " .

***

نتيجة عامة للجديد في النقد الأدبي :

          لعل الملاحظ المتمكن من مناهج النقد الجديدة – ما بعد البنيوية – أنها تصب في مختلف منابعها نحو نقطة مركز واحدة هي مركزية تلقي المرسل إليه = القارئ = الناقد    و لأنه مهتم في إخراج نصه الإبداعي المناظر للنص الأصيل فهو يقبل الجدلية لإنتاج الدلالة و لو احتاج للتأويل فإنه سيؤول. المهم أنه يؤول و ينتج و يخرج ما يصنع رواجا آخر للنص المبدع !

 



التأويل / التشكيل / الرؤيا في المنهج النقدي :

    التأويل يعني " متابعة حركة المعنى في النص نحو المرجع، و إظهار التوسطات الجديدة التي أقامها الخطاب بين الإنسان و العالم "(1)

          و يدرس الناقد من خلال التأويل :

1- العلامة،

2- المدلول،

3- الاستعارة،

4- الرمز،

5- النظام .

          و التأويل هو من أثر التفكيكية و السيميائية في النقد (1)، و هو مصطلح جديد اقترب من العام 1970 م، مع وجود إرهاصات له قديمة عند الشكلانيين الروس، و تعد فلسفته وجه من وجوه الفلسفة الظواهرية.. و النقد القائم على التأويل ذو طبيعة مزدوجة، يكشف الناقد خلاله عن معنى جديد للنص، أي أن النصوص تحتاج دائما للتأويل، و لا تتوقف عند حد يمنع تأويلها !

مؤسسه :

فريديريك شلايرماخر : 17681834 .. هو الأب الحقيقي للتأويلية الحديثة.

نقاده :

هيدجر : 1889 – 1967، نقل التأويلية من الطرح النفسي إلى الطرح الوجودي للغة.

بول ريكور : 1916 – 2005، طور التاويلية بابتكار " التأويلية المنهجية " التي تظهر بخط مثالي يعطي للكتابة كينونة و خصوصية .. و يذكر ( ريكور ) ثلاثة أوضاع يتقاطع خلالها الفهم و التفسير و يتكاملان هي :

-         العمل ، - و الحكاية اليومية،  - و الحكاية الأدبية.

جورج دلتاي 1833 – 1911، و هو مؤسس العلوم الروحية الفكرية التي أصبحت تسمى العلوم الإنسانية ..

هانز جورج جادمر 1900 – 2002، أسس فلسفة التأويلية، و ترى أن المفهوم من الوجود هو الوجود اللغوي فقط !

***

* نقاد درسوا التأويلية من واقع تطبيقي :

ليو سبيتزر، له نظريات لسانية خاضعة لبعض المناهج الوصفية.

هانز روبرت ياوس، أوّل بالطابع الجمالي للنص، مع الفهم المعاصر، الذي تبعثه القراءة التأويلية ، فيعتزم المؤول " تقديم التجسيد الملموس لدلالية النص " .

ميشال ريفايتر، يؤول بالقارئ الخارق، الواسع الاطلاع، القادر على تسجيل كل انطباع جمالي بدقة و وعي لإيجاد بنية فعالة جديدة في النص .

هارتمان، درس قصيدة " وردز ورث " و حصل على المعنى الغائب للقصيدة .

***

لقاء التاويل مع التلقي :

          كلاهما يستخدم " أفق القراءة = التوقع = الانتظار " .. و لقاء آخر في سيميائيات التلقي هكذا :

1-     تأويل مقصد المؤلف.

2-     تاويل مقصد النص.

3-     تأويل مقصد القارئ.

          و هكذا يكون التأويل الدلالي هو نتيجة السيرورة التي يضفي بها المرسل إليه دلالة ما على التجلي الخطي للنص الذي هو بصدد تحليله .. ولا يخضع للتأويل بأنواعه سوى النص المتمتع بالوظيفة الجمالية..(1)

أسس التأويل النقدية(1) :

4-     تجاوز الحدود التي تفرضها الجملة.

5-     الاعتراف بالتماسك النصي.

6-     بلورة مفهوم القراءة.

7-     اختيار استراتيجية تأويلية.

8-     إدراك الشكل المكتمل للنص.. و عده مستقلا عن مؤلفه تماما .

9-     قراءة النص قراءة ثانية جديدة.

10-الإجابة على الأسئلة التي لم تجب خلال القراءة الأولى.

11-القراءة لا يجب ان تكون من البداية ، فربما تكون من الوسط أو النهاية.

12-في القراءة الثالثة يتم توظيف المعنى الموضوعي الذي تم استيعابه في القراءتين الأولى و الثانية..و هذا المعنى هو الفرضية الأولى للتأويل .

13-يشكل النص وجودا موضوعيا و ليس وجودا ذاتيا مهما بلغت أهميته.

من النقاد العرب  الذين درسوا بالتأويل:

نصر حامد أبو زيد، في كتابه " إشكالية القراءة و آليات التأويل "، و درس بعض كتب النصوص التراثية القديمة مفسرا و مؤولا لابن جني، و عبد القاهر الجرجاني و غيرهما .. !

من مآخذ المنهج :      

                    يهتم النقد بالتأويل بالبحث عن المغزى، على حساب الوصول للمعنى من خلال التفسير، و يعمد صاحب التاويل للبحث في المعنى الباطن، و لا يقف لما هو ظاهر في النص !

 



(1) عبد القادر الرباعي : تحولات النقد الثقافي، ص 15.

(1) إليه يعود الفضل في التعريف بالنقد الثقافي في كتابه : النقد الثقافي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء و بيروت، ط(2)، 2001م، انظر مثلا ص 83.. ومن الملاحظ اتصال النقد الثقافي بالتأويل و تعدد القراءات .

 

(1) هذا التعريف لـ " بول ريكور " نقلا عن الزواوي بغورة : العلامة و الرمز في الفلسفة المعاصر " التأسيس و التجديدي "، عالم الفكر، الكويت ، العدد 3، مج 35، يناير – مارس 2007 / ص 121.

(1) عرض له نصر حامد أبو زيد : إشكالية القراءة و آليات التأويل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء و بيروت، ط(1)، 1992م، ص 13  و ما بعدها.. و طبق محمد صالح الشنطي : خصوصية الرؤيا و التشكيل في شعر محمود درويش، مجلة فصول، مجلد 7، عدد 1 – 2 ، أكتوبر 1986م، مارس 1987م، ص 139 – 159، عادا التشكيل : " الكينونة اللغوية المتعينة بنسيجها اللغوي المتميز " و الرؤيا : " هي ما ينبثق عن نسيج التشكيل تلقائيا، و تتجلى في فضائه الدلالي " .. و في التأويل و الرؤيا و التشكيل تشترك مصطلحات مهمة لتحديد ما يريده النص منها : الخصوصية، و الأحلام المتحركة،  و النزعة الدرامية، و حركة الدائرة الدلالية، و البناء، و الحضور، و الغياب، و التأمل، و تحول الضمائر في دلالاتها، و الاسترجاع الحكائي، و الذاتي، و المتكرر ، و ..

(1) يلتقي التأويل بالتحفيز، و قد مر بنا هذا المصطلح أثناء الحديث عن العقدة في القصة القصيرة. و لقاء التأويل بالتحفيز يلخصه     ( جوناثان كولر ) ، بأن ندخل ما نريد تأويله في أنماط النظام التي توفرها الثقافة، و تاخذ الثقافة في هذا الحديث مأخذ الطبيعي غير المتكلف .. يمكن العودة للتفصيل إلى : رامان سلدن : النظرية الأدبية المعاصرة ، ص 26 .

(1) ابتكر ( راستي ) عام 1987م، النموذج التناظري للنص، و هو النموذج الذي يخترق التعبير و المضمون بما يراه المحلل / الناقد ملائما للنص المراد تحليله، فيبدأ بصياغة فرضيات عمل منظمة الدلالة ذات تردد و تلازم و تعلق بالنص و لها معطيات موازية للنص تصل في النهاية لتاويل مقبول .

تعليقات