نقل آراء ستروس في تحليل الأسطورة إلى الفكر

النقدي العربي الحديث

" مقاربات في الترجمة النقدية "



 

عماد علي سليم الخطيب

أستاذ النقد الأدبيّ الحديث 

جامعة البلقاء التّطبيقيّة

الأردن

 

ملخص البحث

 

          يحاول البحث أن يتتبع مقالات الدارسين العرب المترجمة لأعمال كلود ليفي ستروس هادفًا إلى المقاربة الفنية  و النقدية بينها؛ كما يهدف لمعرفة أثر اللاحق منهم بالسابق – إن وجد -   و أثر تلك المترجمات في الفكر والنقد معًا.

          و حاول البحث إيجاد قاسم مشترك بين النقاد الذين ترجموا لستروس، من خلال حديثهم عن آراء ستروس في :

 البنائية، و قواعد أساسية في البنائية، و  الأسطورة و  ربطها مع الدين، و اللغة، و المناهج، و الشعر. آخذين بعين الاعتبار الطريقة التي اتبعها ستروس في  دراسة الأسطورة و ربط ذلك بالبنيوية، و السرد عنده، مع الإشارة السريعة لدراسة بعض النقاد العرب الحديثين للأسطورة بعد ستروس.


 

Look to The   several Translation strous   in Arabic Criticism

 

Emad Ali Saleem Ahmad  Al-khateeb

Al-Balqa Applied University-Jordan

 

Abstract

 

This Work shows the Arabic criticism Article that’s said About K.L.Strous criticism. 

This work  supposes that there is an relation between this Article Like:  material, nature, art, feeling’s and symbolic thus we review these abbreviations with definition explanation and understanding Translation.

And this research has been The Theory for the New Arabic Translation criticism, who has studied The K.L.Strous Works.

 


المقدمة:

          تشكل المقاربة بين مترجمات المشرق و المغرب العربيين من غير العربية إلى العربية مصدرًا من مصادر النقد العربي الحديث، و أكثر ما تفيد المترجمات النقدية العمل النقدي في مجال النقد التطبيقي الحديث، و النقاد العرب في مشرقهم و مغربهم يترجمون من مصادر مختلفة اللغات    و على رأس تلك اللغات اللغة الإنجليزية و الفرنسية، و على رأس اهتماماتهم النقدية اهتمامهم بالناقد " كلود ليفي ستروس "، وإذ يحاول بحثنا أن يتتبع مقالات النقاد العرب المترجمة فإنه يهدف إلى المقاربة الفنية و النقدية بينها؛ كما يهدف لمعرفة أثر اللاحق منهم بالسابق – إن وجد -   و أثر تلك المترجمات في الفكر والنقد معًا.

البحث :

البداية مع علماء البنائية (1)  :

           إن غالبية الذين ساهموا في تكوين البنائية هم الفرنسيون الذين عملوا في حقل الأنثروبولوجيا أو دراسة الإنسان والحضارات القديمة والمجتمعات البدائية حيث اهتموا بكل ما يتصل بالإنسان من ظواهر في محاولة منهم لاكتشاف العلاقات التي تربط هذه الظواهر فيما بينها ومن هؤلاء نجد "لوي ستار" وقد أعاد دراسة الفلسفة الماركسية ومنهجها الجدلي بغية تطويرها ومن أشهر مؤلفاته " قراءة رأس المال " وكذلك من خلال جهود " سيجموند فرويد " أصدر كتابا بعنوان  " أعمال مختارة من فرويد ".

            كما ظهر منهم عدد آخر تخصصوا في بناء الأبنية الفرعية مثل " ميشيل فوكو " الذي تخصص في دراسة اللغة أصلا وتركيبا ووظيفة، كذلك "رولان بارت " صاحب الدراسات المتعددة عن الموضة والأزياء في علاقتها  بالمجتمع والثقافة والعادات ، كما نجد " موريس جودليه " في دراسته للجنس البشري كبناء متكامل عموما ، واهتمامه بالسلالات في تطورها التاريخي و الاجتماعي .

v               أما أشهر مؤسسي البنائية فهو العالم الإنثروبولوجي "كلود ليفي ستروس " الذي طغت شهرته على غيره من أعلام البنائية لتعدد دراسته في هذا الميدان الإنساني الجديد وهو بلجيكي المولد عام 1908م غير أنه أمضى جل حياته في فرنسا وحصل على جنسيتها وهو بالإضافة إلى عمله في الإنثروبولوجيا تدريسا في جامعة باريس وإدارة لمعهدها هناك نراه من أشهر علماء الأساطير وأكثر البنائين غزارة، و من الأمثلة على غزارة إنتاجه ودراساته العميقة كتبه :  "المجتمعات البدائية "، و  "الطوطيمة اليوم "، و  "العقل البدائي "، و  "النباءات الجوهرية لصلة القرابة والنسب"،  و"عالم في الطريق إلى الاندثار "، و  "الأساطير"،  و "النيئ والمطبوخ " وغيرها.. هذا بالإضافة إلى الدراسات المتعددة التي تناولت أفكاره،  بعدّه أعمق دارسي علم الإنسان والمجتمعات البدائية في العصر الحاضر ولما يتمتع به من مكانة بين أعلام البنائية . و يبدأ الطور الفرنسي للبنيوية في الأربعينيات مع تكييف ليفي ستروس أعمال جاكوبسون بحيث تتوافق مع الأنتروبولوجيا وربما تتكيف مع بعض المصطلحات السويسرية في الخمسينيات بحيث تتوافق مع الطبقة الخاصة من التحليل النفسي. وقد بلغ التطور ذروته في أوائل الستينيات وكان ضربا من الجنون  طغى على كل المباحث التي أمكنه أن يطالها فحللها بنيويًا.

آراء ستروس في البنائية:

أ‌-          يؤكد ستروس على فكرة أن العقل موجود كموضوع طبيعي له أساس عام مشترك بين كافة الأجناس البشرية محطما بذلك النظرة التقليدية للعقل الإنساني باعتباره يختلف من عصر إلى آخر ومن مجتمع إلى غيره فالأنماط السلوكية والفكرية تكاد تكون عامة  بين البشر وذلك في أساسها الجوهري وليس في شكلها الجزئي المتغير سواء أكانت أنماط السلوك وأساليب التفكير تلك في المجتمعات البدائية أو المتحضرة .

كما وأكد على أن هذا الأمر يفسر لنا أسلوب انجذاب الإنسان المتحضر إلى الطبيعة بكل ما تحويه من جمال وبساطة ويوضح لنا مبررات ميل الإنسان في حضارة القرن العشرين للارتداد إلى طريقة العيش في المجتمعات البدائية.

‌ب-         يهتم ستروس بدراسة الأساطير وتحليلها ليستخلص منها كافة النظم الاجتماعية البدائية ويتبع هجرة هذه الأساطير وانتقالها بين مختلف المجتمعات حيث وجدناها تحمل في طياتها الصفات العامة للعقل البشري والخصائص المشتركة بين المجتمعات الإنسانية وأنه يمكنها أن تفسر حقيقة تطور البشر و يضرب "ستروس" مثالا لذلك في كتابه "النيئ والمطبوخ" الذي يكشف فيه من خلال ــ تحليل الأساطير والعلاقات القائمة بينها ــ أن  عملية الطهو تمثل قدرة الإنسان على تغيير المأكولات من حالتها الطبيعية  النيئة إلى حالتها الصناعية المطبوخة.       ويتعرض ستروس في دراسته و مؤلفاته لظاهرة إنسانيه أخرى هامة هي القرابة و النسب و الزواج حيث يتبع البناءات المختلفة التي تتكامل فيما بينها لتعطي هذه الظاهرة كيانها الواضح وهو يرجع في دراسته تلك إلى المجتمعات البدائية والأساطير القديمة ويظل يتبع تطورها ويكشف العلاقات القائمة بينها في مختلف قارات العالم وبين شتى المجتمعات البشرية القديمة منها والحديثة.

‌ج-         إن من أهم خصائص البنائية عند ستروس وغيره من البنائيين أن البنائية في جوهرها منهج قبل أن تكون مذهب:  إنها جهد مفتوح للكشف عن الحقيقة الإنسانية وليست مذهب جامدا مغلقا، و  هي منهج تحليلي وتركيبي للبناءات الإنسانية بشتى مكوناتها الجزئية وهدف هذا المنهج هو كشف العلاقات الداخلية التي تربط بين مكونات كل بناء تمهيدا للتحكم فيها وإعادة ترتيبها والارتقاء بمستواها الوظيفي .

‌د-         قواعد التحليل بالبنائية كما يراها ستروس:

1)تحليل كل بناء إلى جزئياته التي يتكون منها وذلك للكشف عن العلاقات الموضوعية التي تربطها  بعضها ببعض ثم إعادة تركيبها في بناء كلي جديد يكون أرقى من البناء السابق وأكثر تقدما منه.

2)تحديد اتجاه العملية في التحليل وتركيب كل بناء وحده، ثم مجتمعين.

3)اكتشاف الماهيات الكامنة خلف كل منها والتي تتمثل في العلاقات الموضوعية(2) .

منهجية الأسطورة عند كلود ليفي ستروس(3):

الأسطورة مع الدين عند ستروس:

يترجم عصام المحاويلي لستروس و نظرته إلى الأسطورة بأنها مثل الأحلام المجتمعة ، أو مثل ناتج مسرحية جمالية أو كأسس للشعائر والطقوس ، وعناصر الأسطورة يمكن النظر إليها كتجريدات شخصية مثل الأبطال المؤهلين أو الآلهة، وأجمع على أن الأسطورة تنخفض إلى مسرحية ، أو إلى نوع من الفلسفة التقديرية .

و يترجم حسن القبيسي لآراء ستروس عن الأسطورة مع الدين بأنه يأتي بين الحين والآخر من ينفخ الروح في بعض الاجتهادات القديمة والبالية ، و أوهام الوعي الجماعي ،  و تأليه بعض الأشخاص التاريخيين أو العكس، ومهما قلبت الأساطير على أوجهها يبدو أنها تظل مقتصرة على كونها لعبا مجانيا أو شكلا أوليا من أشكال النظر الفلسفي، و لا ترقى لمستوى الدين.

الأسطورة مع المنهج عند ستروس:

يترجم عصام المحاويلي لستروس بأن  اتجاه بعض المجتمعات الإنسانية إلى الأسطورة إنما هو من أجل أن تعبر عن مشاعر إنسانية شائعة ، مثل الحب والكراهية والانتقام ، أو أنهم يحاولون إيجاد بعض التفسيرات لبعض الظواهر الفلكية .

ولكن هنا طرح ستروس سؤالا ... لماذا اتجهت الشعوب إلى الأسطورة بالرغم من أنها معتادة على التغيرات التطبيقية ؟

وللإجابة عن هذا السؤال يتجه كما اتجه المحللون والنفسانيون إلى المتجمعات، فيقول كما قالوا إن الأسطورة توضح حقيقة أو تصور عند المجتمعات،مثلا "الجدة الشريرة " تعكس تصور المجتمعات عن الجدة بأنها شريرة ولكن إذا تعارضت هذه الأسطورة مع الحقائق فيُصبح الهَدَفُ من الأسطورة هو إعطاء التصور العام للمشاعر الدفينة .

          و يترجم حسن القبيسي في الأسطورة و المنهج عند ستروس أن البعض يزعمون أن كل مجتمع من المجتمعات يعبر في أساطيره عن بعض المشاعر الأساسية كالحب والكره والانتقام التي هي مشاعر مشتركة بين جميع البشر كما يزعم البعض الآخر أن الأساطير تشكل محاولات تسعى إلى تفسيير الظاهرات التي يصعب إدراكها وفهمها كالظاهرات الفلكية والجوية .

فالأسطورة كناية عن انعكاس لبنية المجتمع وللعلاقات المجتمعية، فإذا أدت المعاينة إلى تكذيب هذه الفرضية، فسرعان ما تأتيك الإشارة إلى ما تمتاز به الأساطير على نحو مخصوص، هو أنها توفر مخرجا ً ومتنفساً لمشاعر فعلية وإنما مكبوتة.إلا أن دراسة الأساطير تقودنا إلى استبانات متناقضة ففي الأسطورة متسع لحصول أي شيء و يبدو أن تتابع الأحداث لا يخضع لأية قاعدة من قواعد المنطق أو من قواعد العلاقات الممكنة الحصول.

و الأساطير متشابهة في مضمونها في جميع أنحاء العالم ومن هنا تطرح علينا هذه المشكلة : إذا كان مضمون الأسطورة عرضياً وعابراً  بالكلية فكيف نفهم تشابه الأساطير إلى هذا الحد من أقصى  الأسطورة إلى أقصاها، لولا منهجيتها!

 

الأسطورة مع اللغة عند ستروس :

الأساطير منها ما هو متشابه ، ومنها ما هو متناقض، و  عند مناقشة هذه القضية حاول ستروس مقارنتها مع اللغة عندما قال علماء اللغة: الأصوات المتشابهة تؤدي إلى معنى واحد وقد ثبت هذا المنهج عند أهل اللغة .

والأسطورة دائما تشير إلى أحداث جرت منذ زمن بعيد، ولكن الذي يمنحها طابعها التطبيقي هو أن طريقة سردها تنحو منحا بعيدا عن الزمن.أي أنها تصف الحاضر والماضي ومعهما المستقبل، فمثلا عندما يشير المؤرخ إلى الثورة الفرنسية فإنها حدث تاريخي ماضٍ ، ولكن آثار هذا الحدث الماضي ما تزال موجودة في المجتمع الفرنسي .

والأسطورة مثل اللغة تكونها وحدات توليفية وتلك الوحدات التوليفية تفترض مسبقا وجودها في اللغة عندما تحلل وفقا لمستويات أخرى .

و يترجم حسن القبيسي لعلاقة الأسطورة باللغة عند ستروس بإن الأسطورة تشكل جزئا لا يتجزأ من اللغة و إنما نعرفها من خلال الحكي بحكم انتمائها إلى الحديث و الخطاب .

و بأن الأسطورة تتعلق بسستام ( نظام ) زمني يجمع بين خصائص الزمنيين الآخرين فالأسطورة تتعلق دائما بأحداث مضت ( قبل خلق العالم )،  أو ( عبر العصور الأولى ) في كل حال تعتمد على الحدث ( منذ زمن طويل لكن القيمة الجوّانية التي تعزى للأسطورة . إنما تنشأ عن أن هذه الأحداث تشكل بنية دائمة. وهذه البنية تتعلق بالماضي والحاضر والمستقبل في آن معاً( 4).

وقد انقسم ستروس و بعض المفكرين حوله إزاء نظرتهم للغة : فستروس يرى اللغة بأنها نتاج اجتماعي،  وذهب إلى أبعد من أستاذه " دي سو سير " وانتهي الأمر إلى القول بوجود الأبنية في كل الأنماط اللغوية وفي البرمجة التي هي داخل عقل كل إنسان (والتي لم تكتشف بعد ). أما المفكرون حول ستروس فلم يؤرقهم هذا المنهج لستروس المبرمج داخل العقل،  فجاء  " التوسير" و " تورين "  مؤكدين  بأهمية الجوانب المنهجية لدراسة الماركسية العملية (أو الحقيقة إلى حد قوله )، دون النظر إلى البرمجة المسبقة،  أما " فوكو " فقد وظف الثنائية تلك في الكشف عن أركيولوجيا لا واعية للمعرفة، لا علاقة للبرمجة فيها، وإن قيل بحصر المعرفة في حقبات وليس في عموم التاريخ  أو الزمن، كما رفض " ريكور " أفكار ستروس في الثنائية اللغوية المبرمجة للغات جميعها :  ( المتحركات والسواكن ) في سبيل إعلاء مكانة الكلمة.

الأسطورة مع الشعر عند ستروس:

يترجم عصام المحاويلي لرأي ستروس عن علاقة الأسطورة بالشعر بأن الشعر نوع من الحديث لا يمكن ترجمته إلا على حساب تحريفات كبيرة ، أما الأسطورة فإنها تحافظ على قيمتها بالرغم من أسوأ ترجمة ، فالأسطورة تفهم كأسطورة في أي مكان؛ فهي لغة تعمل في مستوى عالٍ حيث ينجح المعنى في الإقلاع عن أرضية اللغة التي يدور حولها .

و يترجم حسن القبيسي لستروس و نظرته للشعر و الأسطورة بأن الأسطورة تقع في سلم الصيغ التعبيرية اللغوية على طرفي نقيض من الشعر. برغم ما قيل ويقال من أجل التقريب بينهما. فالشعر ضرب من الكلام تصعب ترجمته إلى لغة أخرى بحيث تؤدي كل ترجمة له إلى  شتى أنواع التحريف. ولكن الأسطورة نجد قيمتها كأسطورة و تضل قائمةً برغم أسوأ أنواع الترجمة .

إن كنه الأسطورة لا يكمن لا في أسلوب صياغتها ولا في نمط سردها ولا في تركيبها النحوي بل في التاريخ الذي ترويه .

و يخلص عصام المحاويلي إلى أن طريقة ستروس في دراسة الأساطير تتلخص في الخطوات التالية:

1.          تحليل كل أسطورة على حدة.

2.          تجزئة قصة الأسطورة إلى أقل حد ممكن من الجمل .

3.           كتابة كل جملة في فهرس يحمل رقما موازيا لتفكيك القصة .

4.          يجمع الأجزاء كمجموعات وينظر إليها جميعا للتوصل إلى أبنية ذات مستوى أعلى من مستوى الوحدات الأساسية (الخطوط العريضة ، الأفكار الرئيسة للبناء والأسطورة ).

5.          ربط تلك المنظومات مع بعضها البعض لتكوين البناء المتكامل .

6.          دراسة نشأة وتطور ومآل ذلك البناء من خلال ذلك كله .

7.          دراسة هذا البناء من خلال ما سبق تأثيرا وتأثرا بما حوله قوةً وضعفاً

و يخلص حسن القبيسي إلى أن ستروس اعتمد التقنية التالية لدراسة الأسطورة و هي  :

1-          أن يصار إلى تحليل كل أسطورة على حده ، وذلك بأن نسعى إلى التعبير عن تتابع الأحداث عن طريق أقصر الجمل الممكنة .

2-          تدوين كل جملة على قسيمة تحمل رقماً مقابلاً لموقعها من الرواية .

3-          ترتيب عناصر الأسطورة إلى فقرات تعاقبية .

تُقرأ هذه الفقرات تزامنياً ،  فكل  أسطورة و الحالة هذه، تملك بنية ذات تلافيف تظهر على السطح إذا جاز القول عن طريق التكرار بواسطة. و إن تنظيم الأسطورة يشكل بناء بسستام( نظام) وصفي زمني من نمط جدي، فضلا عن أنه يستجيب لمقتضيات الفرضية. والواقع أن لهذا السستام( النظام) بعدين: فهو تعاقبي وزمني معا . وبذلك فهو يجمع بين الخصائص التي تمتاز بها اللغة ، وتلك التي يمتاز بها الحكي . إن تفكيرنا هذا يتوضح على ضوء هذه المقارنة(5).

و نقف الآن مع ترجمات محمد عبد الهادي،عن الأنثروبولوجيا البنيوية و الأساطير، وسعيد العليمي عن التحليل البنيوي للأسطورة، و  ثائر ذيب عن بنية الأسطورة. و ترجماتهم جميعًا(6) تركز على الأسطورة كتنظيم خاص لوحدات تمثل مظهراً مزدوجاً تطويريا؛ً لأن الدلالات الأسطورية منظمة على مراحل تزامنيا و كل دلاله أسطورية هي مجموعة من العلاقات الدالة و معطاة في وقت واحد، و نقرأ ذلك في الأسطورة كتوزيع جَْوقي "أوركسترالي" تحل الرموز فيه عبر شرائح عمودية حسب ترتيب تتابعي لكل أسطورة،       و  تضم أطرافها أطرافا أخرى على علاقة تناغمية. ولكن الإنشاء الأسطوري يجري في زمن ما، ويصف عملا ما، أو يكون تطورا لوضع ما و يملك بذلك شكل التنظيم المميز للحن .

والمسألة هنا أن نثبت كيف أن الأساطير على الرغم من تنوعها الظاهر تصدر عن عمل قوانين الذهن اللاوعية، بافتراض أن علم الأنام يستخلص ليس ما يوجد في الأساطير بل نظام البدهيات و المسلمات الذي يحدد أفضل رمز ممكن للأشياء، مع القدرة على إعطاء دلالة مشركة لكل الإرهاصات اللاواعية والنادرة فعلا كما تفعل الأساطير التي تظهر برواية واحدة وكذلك تلك التي يمكن أن تدرك روايتها النموذجية مباشرة. و المطلوب في النقد التطبيقي هو الكشف عن عالم الأساطير بدلالته – كما يريد ستروس - .

و يضع ستروس خطوات لتحليل الأسطورة كبنية لغوية من خلال أمرين هما :

1.          تفتيتها إلى وحدات .

2.          توليف وحداتها بالعلاقات.

و عن علاقة ستروس بالتاريخ  تظهر الترجمات تطور موقف ستروس تطورا كبيرا ابتداء من كتابه " الفكر البدائي "  أو "الفكر المتوحش" سنة 1963م.الذي أعلن فيه أن عالم الأنتولوجيا ( الأساطير ) يحترم التاريخ ولكنه لا يخلع علية قيمة كبرى إلا أنه يقر بأن هذين المنهجين قد يكون من الخطأ الفادح المزج بينهما في كل مجال و في كل آن، ويمكن عد ستروس معاديًا للتاريخ لا من حيث كونه معرفة بالماضي أو دراسة لأحداث البشرية العابرة بل من حيث هو فلسفة كبرى أصبحت فكرة مسبقة. و الواقع أن التاريخ في رأي – ستروس -  أقرب ما يكون إلى أسطورة تحيا جنبا إلى جنب مع أساطير أخرى. و يخلص إلى أنه لابد لنا من رفض كل تطابق مزعوم بين فكرة التاريخ و فكرة الإنسانية .إلا أننا نجد ستروس حريصا على وضع الحضارات على قدم المساواة. وكأنه يريد أن يذكرنا بأن الرجل البدائي هو أخ لنا في الإنسانية. و هو كل ما هو بعيد عن النسق الحضاري الأوروبي ليس لأنه رفض هذا النسق بل لأن له ثقافة مختلفة.

و تمثل الأسطورة عند – ستروس -  نظامًا من التفكير فيه ثروة لغوية لا يستهان بها. بل هي مستودع من الدلائل اللامرئية التي لا تنبثق ظاهريا في النص. وهي تتضمن بمفهوم ضيق  الروايات و الحكايات وتشمل الأنظمة التجريدية " الميتافيرقيا و الأديان والعلم ..." أو ما سماه " الفكر المتوحش " عند المجتمعات البدائية .و إن دراسة ستروس للمجتمعات البدائية مقارنه بالمجتمعات الأوربية يعود إلى ارتباطه بالفكر اليهودي وكأن هدف ستروس هو تبيان التكامل الإنساني وذلك من خلال القرابة واللغة والأسطورة والعلم. بتطبيقه منهج الألسنية ومعالجتها كنظام اتصال يقوم على التبادل. ففي مجال القرابة يبدو المجتمع القرابي وكأنه يتخطى الطبيعة البيولوجية التي تعيده إلى سلاسل الحس المتجهة إلى تأصيل البشر بالآباء الأولين.

و نختم الترجمات مع مقال سعد البازعي(7)، و هو بعنوان (علم السرد)، و فيه أن السرد دراسة عن القص واستنباط الأسس التي يقوم عليها وما يتعلق بذلك من نظم تحكم إنتاجه وتلقيه . و أن السرد أحد تفريعات البنيوية الشكلانية كما تبلورت في دراسات كلود ليفي ستروس ثم تنامى هذا  الحقل في أعمال دارسين آخرين منهم البلغاري " تزفيتان تودوروف " الذي يعده البعض أول من استعمل مصطلح " ناراتولوجي "  - علم السرد- والفرنسي " ألفرد ادوليان غريماس " والأمريكي " جير الدبرنس " وفي فترة تالية جاءت مظلة ما بعد البنيوية . كما في أعمال الفرنسي "رولان بارت " أو من خلال الماركسية التي تعرف أحيانا بما بعد الماركسية كما في أعمال الأمريكي " فريدريك جيمسون " .

و لا يتوقف علم السرد عند النصوص الأدبية التي تقوم على عنصر القص بمفهومه التقليدي وإنما يتعدى ذلك إلى أنواع أخرى تتضمن السرد بأشكال مختلفة مثل الأعمال الفنية من لوحات وأفلام سينمائية وإيحاءات وصور متحركة وكذلك الإعلانات أو الدعايات وغير ذلك .

و كان ليفي ستروس رائد البحث السردي حين درس الأسطورة من خلال المنظور البنيوي الذي وضع أسسه اللغوي السويسري فرديناند دي سويسر .

وقد تعددت الدراسات حول البنيوية و اتسعت لتشمل دراسة كل ماله علاقة بالعقل البشري ودراسة البنية الصغيرة التي هي بنية من العقل البشري مما أدى إلى دراسة العلوم والفيزياء لارتباطها الوثيق بالعقل البشري.

و جاء من أهداف علم السرد :

1.          أن هذا العلم يسعى إلى كبح جماح النزعة التفسيرية في قراءة النصوص كما يحدث كثيرا في النقد الأدبي فبدلا من تفسير النصوص يسعى علم السرد إلى استخراج القوانين التي تمنح النص ما يحتاجه المفسر من دلالات وهو بهذا يسعى إلى تحقيق شرط عمليته النقدية

2.          إن الدراسات السردية أسهمت في زعزعة بعض القناعات الأدبية القديمة ومنها طبقة النصوص أو هيمنة المعتمد، فلا يعترف النقد السردي بأدب رفيع و آخر متواضع وإنما كل النصوص سواء في قابليتها للتحليل السردي.

غير أن علم السرد لم يسلم هو الآخر من الزعزعة نتيجة الانتقال إلى مرحلة ما بعد البنيوية التي زعزعت قناعات وثوابت كثيرة أخرى في البحث النقدي والثقافي عموما. لا سيما ما تلبس بسمة العلمية كالبحث البنيوي الذي تفرعت الدراسات السردية عنه.

ومن هنا فقد اهتمت بعض الباحثات النسويات بالبحث والتنظير العلمي في السرد والسرديات. فباحثة مثل  "سوزان لانسر " تنطلق من أن النص السردي أقرب إلى العملية المتشكلة عبر القيم و المتغيرات الاجتماعية والثقافية  سواء في إنتاجه أو التفاعل معه. وهي بالتالي تدعو إلى علم سرد يأخذ السيامية الاجتماعية والثقافية باعتباره. ومن شأن ذلك حين يحدث أن يدخل البحث النقدي في أفق المتغيرات الإنسانية ويبعد عن مختبرات الأبنية النحوية أو القصصية البحته.

و من نظريات ستروس النقدية ذات الصلة بالسرد نظرية عدم الاغتراب في رجال القبيلة

فقد أعجب " ستروس " بخاصية عدم الاغتراب في رجال القبيلة وقارن بينها و رجل التحليل النفسي عند فرويد. وقد هاجمه البعض من جراء هذا الاختيار النموذجي أو النمطي؛ لعمومية الفكرة خصوصا بعدما عقد علاقة جدلية بينهما ليفسر كل التناقضات.

ونختم بطريقة ستروس في تحليل الأسطورة كما عرضها سعد البازعي، فلقد كرس ليفي ستروس كثيراً من أعماله اللاحقة لتحليل الأسطورة، حيث نجد تأثير النموذج الألسني لا يزال حاضراً وعميقاً. فهو ينظر إلى الأساطير المختلفة التي تحكيها شعوب مختلفة في القارة الواحدة، بوصفها جزءا من اللسان الواحد، ودليلا على أصناف أو مقولات كونية. وعلى الرغم من ضخامة واتساع أعمال ستروس في ميدان الأسطورة إلا أنها تتبع بصورة أساسية مبادئ التحليل التي وردت في مقالته المكتوبة عام 1955م، و التي تحكي عن الدراسة البنيوية للأسطورة، فقد اهتم ستروس طوال حياته بالأدب والأساطير، ودليل ذلك بأنه تعاون مع " جاكوبسون " في تحليل بنيوي للأدب وأشهر مثال على ذلك هو تحليلهما قصيدة  " بودلير " (القطط) .

أما يقينية ستروس بخاصة وشغل يده فيظهران في تحليله لأسطورة "أوديب" :هذا العمل الذي ينتمي إلى أعماله الأولى. لكنه يبدي نقاط القوة والضعف في مقاربته عموما فهو يقوم بتقطيع الأسطورة إلا أحداث صغيرة، ويرتبها في شبكة ذات بعدين ليستخرج التقابلات الهامة ذات الدلالة التي يفترض بالأسطورة أن تدور حولها .

وانطلاقاً من هذا يشعر ستروس أنه قادر على تكوين فرضيتين أساسيتين بخصوص الأسطورة :

1.          لا يكمن معنى الأسطورة في العناصر المنفصلة التي تؤلفها وإنما في الطريقة التي تؤلف بها العناصر ويجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار القدرة الكامنة للتحول الذي يتضمنه مثل هذا الائتلاف.

2.          تكشف اللغة في الأسطورة عن خصائص معينة فوق المستوى اللغوي والاعتيادي .

الخاتمة:

و نختم البحث بنتائج عامة يراها الباحث:

1-هناك اختلاف في كتابة الاسم "شتروس "، أو " ستروس "، أو " شتراوس "،  كما أن هناك اختلافًا بين كتابة  " بنيانية "،  أو " بنيوية "،  أو " بنيانية "،  شكلا مكتوبا ملفوظا..  بين المترجمين العرب.

2-لا تشير الترجمات إلى السابق منها..

3-التركيز على  ترجمة مقالات شتروس في ندوته حول الأسطورة وكانت مقالته الأصلية بعنوان " الدراسة البنيوية للأسطورة " و كتبها عام:  1955م .

4-إذا كان للأساطير من معنى . فإَن هذا المعنى لا يُستمد من العناصر المعزولة التي تدخل في تركيبها التي تتركب بموجبها هذه العناصر .

5-إن الأسطورة تنتمي إلى نصاب الكلام وتشكل جزءاَ لا يتجزأ منه .

6-إن خصائص الأسطورة لا يمكن أن نبحث عنها إلا من خلال المستوى التعبيري اللغوي المضاد. و إن موقع الأسطورة بإزاء اللغة من جهة. وبإزاء الحكي من جهة أخرى  مماثل لموقع البلّور فهي شيء متوسط بين ذلك الركام الإحصائي من الجزئيات، وبين البنية الجزئية نفسها .

7-الاتفاق بين المترجمين على أن مقالات " شتروس " عن الأسطورة ضرب من الفلسفة التي تجعل من أي شيء  ممكنا وليس يقينا .

8-و يمكن استنتاج طريقة دراسة ستروس للأساطير حسب الخطوات التالية:

1.          كل أسطورة يجب معالجتها كعنصر في مجموعة أوسع و تعالج وحدها.

2.          تستمد الأسطورة د لالتها من  الموضع الذي تشغله بالنسبة إلى أساطير أخرى داخل زمن من التحولات الذي يربط الجزء بالكل و الكل بالجزء.

3.          علينا أن نستقبل كثيرا من التعقيدات الأخرى في الأساطير، فنعمد إلى اكتشاف مدونات رموز حسية متكافئة بين عمليات فك الرموز غير المتكافئة  .

4.          البحث عن علاقة بين الأساطير حتى وإن كانت غريبة عن بعضها البعض فمثلا وجد ستروس علاقة بين أساطير قوس قزح و بين أصل الأمراض " السم " فتتكشف تدريجيا فلسفة متماسكة صريحة للتشاؤم من قوس قزح !

5.          الصفة الأساسية الأولى التي تميز إبستومولوجيا ستروس هو أنها تبحث فيما وراء العلاقات الحسية من بناء استنباطي للنماذج المجردة.ولقد أراد ستروس بناء العلم الاجتماعي على أسس منهجية فنية من خلال أخذ مبدأ أساسي يقوم على مفهوم البنية الاجتماعية(8) .

9- بنيوية شتراوس تعدلت واندمجت فيما يسمى (ما بعد البنيوية ).

10-" التوسير " و " فوكو " انضموا إلى " تورين " في الجزم بأن البنيوية أديولوجيا أكثر منها علما.

11-إن الاهتمام الأساسي لكل من الطوطمية اليوم و الفكر البري هو الطريقة التي ينظم بها العقل المعطيات، فالأنثروبولوجيون الأوائل أشاروا مثلا إلى اتخاذ حيوانات طوطمية لتمثيل مجموعات اجتماعية كإحدى البقايا االتاريخية من تلك الأيام والتي كانت منها هذه الجماعات تأكل ذلك الحيوان، وذلك إلى جانب الكثير من التفسيرات الأخرى، أما ستروس فيعتبر مشكلة الطوطمية برمتها كما وصفت إلى الآن ضرباً من الوهم والانخداع. ويرى ستروس في النظر إلى نظام العلاقات و التقابلات بين الحيوانات الطوطمية بأنها طريقة لتنظيم العالم ثقافياً و ليس الأسطورة المجردة فقط .

 

 

 

 

 

 


الهوامش

 

(1)   محمد،سماح رافع : المذاهب الفلسفية المعاصرة، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط ( 2 )، 1985م، و طبعة الكتاب الأولى عام 1973م،  ص 152 – 169.

(2)   المرجع نفسه، الصفحات نفسها. و قد وحد الباحث في بحثه ترجمة اسم كلود ليفي ستروس، إلى " ستروس " دون النظر في ترجمة الناقد العربي التي اختلفت لفظًا     و شكلاً. كما وحد الباحث مصطلح " البنائية ".

(3) المحاويلي، عصام : دراسة الهيكل البنيوي للأسطورة، مقال لكلود شتراس، مجلة     تراث الإنسانية، القاهرة، س 7، ع 5، 6 حزيران 1976م، ص 5 – 12.

و انظر : القبيسي، حسن : بنية الأساطير، مقال لكلود ليفي ستروس، مجلة الفكر العربي، بيروت، مج 15، ع 77، صيف 1994م، ص 147 – 168.

(4) هذا الملخص و غيره هو بتصرف من الباحث، و لم يتصرف الباحث بأكثر من الانتقاء المفيد للتعريف بمنهجية ستروس في نقده البنياني للأسطورة و الأسطوري، ثم التعريف بإنجاز الناقد العربي المترجم لهذا المنهج الجديد، إضافة للعنونة المقترحةبـ:

الأسطورة و المنهج، و الأسطورة و الدين، و الأسطورة و اللغة، و الأسطورة و الشعر.

-و عن انقسام ستروس مع بعض المفكرين يمكن العودة إلى :

 البازعي، سعد : علم السرد، مقال مأخوذ عن طريق الباحث العربي لـ ( google ) في الإنتر نت، و الإشارة في المقال تقول بأنه مأخوذ عن مجلة الآداب الأجنبية، ع 106، ربيع و صيف 2001م، ص 18-22.

(5) و يترجم حسن القبيسي مثالاً على تفكيك ثم تنظيم ما لا نعرف لكلود ليفي ستروس، فيقول:

لنفترض أن هناك لا عباً لا يعرف شيئا عن أوراق اللعب التي نلعب بها ، جلس يصغي لإحدى العرافات طوال فترة زمنية يشاهد زبائنها ويقنعهم ويتعرف إلى عمرهم على وجه التقريب فضلا عن جنسهم ومظهرهم ووضعهم المجتمعي، إن صاحبنا هذا سيصغي إلى كلام العرافة بل ربما سجل أقوالها على شريط ليتسنى له دراستها ومقارنتها بصورة متأنية فإذا كان صاحبنا يتمتع بموهبة المعاينة الدقيقة وإذا تسنى له أن يجمع عددا كافيا من الوثائق، فإن بوسعه أن يعيد تركيب بنية اللعبة المعتمدة وطريقة تأليفها.أي عدد الأوراق 32 أو 52 الموزعة على أربع سلسلات متناظرة ومؤلفة من الوحدات التكوينية ( الأوراق ) نفسها مع وجود ميزة خارقة واحدة وهي الـلــون .

كما ذكر حسن القبيسي اعتماد ستروس تحديد كل أسطورة من الأساطير بمجمل رواياتها بتعبير آخر ، تظل فيه الأسطورة أسطورة طالما اعتبرت كذلك فإذا كانت الأسطورة تتكون من مجمل منوّعاتِها.فإِنَّ على التحليل البياني أن ينظر إلى هذه المنوعات جميعا على قدم المساواة وينبغي أن نحرص حرصا شديدا على أن لا نسقط أي منوع من المنوعات المتوفرة لدينا . ثم يبين لنا أن منطق الفكر الأسطوري لا يقل تطلبا وتشددا عن ذاك الذي يقوم عليه الفكر الوصفي، أو أن الأول لا يختلف عن الثاني في العمق إلا قليلا ذلك أن الاختلاف لا يكمن في نوعية العمليات الذهنية بقدر ما يكمن في طبيعة الأمور التي تناولتها هذه العمليات .

وربما كان لنا أن نكتشف ذات يوم أن المنطق نفسه هو الذي يفعل فعله في الفكر الأسطوري و الفكر العلمي على السواء، وأن الإنسان لم يزل يفكر بشكل لا بأس عليه منذ أن وُجد, أما التقدم فلم يكن يرتع على مسرح الوعي بل على مسرح العلم .

و يمكن الرجوع إلى: خليل، أحمد خليل : نظرات إلى الأشياء، مقال لكلود ليفي ستروس، مجلة الفكر العربي، بيروت، مج 15، ع 77، صيف 1994م، ص 201 – 214.

(6) عبد الهادي، محمد : ليفي ستروس ( الأنتروبولوجيا البنيوية ، الأساطير، النصوص، و العلامات اللغوية )، مجلة كتابات معاصرة، مقال لكلود ليفي ستروس، مج 7، ع 26، آذار 1996م، ص 119 – 125. و ديب، ثائر، بنية الأسطورة ( كلود ليفي شتراوس    و التحليل البنيوي للأساطير )، مقال لإدموند ليتش، مجلة المعرفة، سوريا، السنة الخامسة و الثلاثون، ع 397، تشرين أول 1996م، ص 30 – 63. و العليمي، سعيد : التحليل البنيوي للأسطورة، مقال لسايمون كلارك، مجلة القاهرة، القاهرة، ع 10،مارس 1996م، ص 100 – 110.

(7)البازعي، سعد : علم السرد، مقال مأخوذ عن طريق الباحث العربي لـ ( google ) في الإنتر نت، و الإشارة في المقال تقول بأنه مأخوذ عن مجلة الآداب الأجنبية، ع 106، ربيع و صيف 2001م، ص 18 وما بعدها.

-              و يذكر سعد البازعي و محمد عبد الهادي و سعيد العليمي و ثائر ذيب في ترجماتهم أن ستروس في درا ستة للأساطير يعطي لنضام القرابة وظيفة آمرة وليس وظيفة وصفية، و يقوم على تمييز فاصل ما بين العلاقات، كما أظهرت أن ستروس لا يسلم بمبدأ الفطرية إلا أنة يسلم بأن العقل البشري الثابت و غير المتغير وكأن ثمة طبيعة بشرية واحدة تجمع بين كل من العقلية البدائية و العقلية العلمية ولكنها تتجلى على صورة نشاط لا شعوري للعقل . و أن لا سبيل إلى فهم الأساطير إلا باعتبارها لغة أو لغات رمزيه لأن العقل واحد و التفكير  الأسطوري ليس تفكيرا سابقا على المنطق على مستوى المحسوس بمعنى أنه تفكير تصنيفي يستعين بمجموعة من المقولات التجريبية.

و غالباً ما يعد الأنثروبولوجيون  أن أنظمة القرابة هي المؤسسات الأساسية في تلك المجتمعات والتي يدرسونها.وكان كتاب ستروس الأول عن البنى الأولية للقرابة، ويريد أن يلفت الانتباه في هذا الكتاب إلى أن المجتمع مبني على 1449تابو الزنا بالمحارم أي تحظير الجنس ضمن العائلة. مما يدفع الرجال لتبادل النساء من عائلة إلى أخرى، بغية الزواج وهذا ما يخلق بنية اجتماعية  إجمالية أكبر من العائلة النووية ( المؤلفة من أب وأم وأولادهما ).

وتشتمل تلك المجتمعات على ثلاث أشكال أساسية للتبادل وهي :

1.          تبادل الهبات الذي يناظر البنية الاقتصادية في مجتمع أشد تعقيداً.

2.          تبادل النساء تبعاً لقواعد بالغة التعقيد والتكلف تخلق بنية قرابية .

3.          تبادل الرسائل الكلامية عبر اللغة التي تخلق معظم ثقافة المجتمع التي هي في أعمال ستروس اللاحقة و هي  عبارة عن بنيه رمزية أو نظام دواليلز

حاول الأنثروبولوجيون تفسير قواعد اللا قرابة ومواقفها هذه؛ ومن بين هذه التفاسير ثمة :

1.          التفسير الاقتصادي : وهذا النوع يفضله "ماركس وهاريس" حيث يرى أن لهذه القواعد وظيفة اقتصادية جوهرية تمكن المجتمعات التي تتبناها من البقاء، وهو تفسير لا يُرضي ليفي ستروس بالطبع.

2.          التفسير التاريخي : الذي يرى أن وجود ظواهر معينة يعود إلى تطورها التاريخي وهو تفسير يصطدم بإشكاليات كثيرة، ويؤدي في بعض الأحيان إلى تاريخ قائم على التأمل لدى متبنيه من قبل الإنثروبولوجيا التي تعنى أساسا بمجتمعات أمية لا تعرف الكتابة ويصعب إزاحة النقاب عن تاريخها.

3.          التفسير البنيوي : فيركز على ما يمكن تفسيره بالانطلاق من العلاقات بين أجزاء البنية القائمة دون تأمل تاريخي، والقياس على الدراسة الألسنية التزامنية واضح هنا .

  (8)يمكن الرجوع في الخطوات المستنتجة إلى ترجمات محمد عبد الهادي،عن الأنثروبولوجيا البنيوية و الأساطير، وسعيد العليمي عن التحليل البنيوي للأسطورة،      و  ثائر ذيب عن بنية الأسطورة، لكلود ليفي ستروس. و يمكن العودة للكتب التالية للوقوف على أثر ستروس في بسط النظرية في تحليل الصورة الأسطورية..

و الكتب مرتبة بصفحاتها كما يلي:

-              طه مصطفى أبو كريشة : أصول النقد الأدبي، لبنان ناشرون، لبنان، ط(1)، 1996م،ص 144، و قد درس الكاتب التجربة الأسطورية كواحدة من التجارب الشعرية المهمة، و افترض أن التجربة الأسطورية تحدثنا عن موقف الإنسان مما حوله، ثم إن باستطاعة الأديب أن يأخذ مما حوله من الأساطير و يجعلها مادة لأدبه، و باستطاعته أن يجسم الرموز الأسطورية بخياله القوي ، ثم يحولها إلى كائنات بشرية تحس و تتألم و تفكر.

-              طيب تيزيني : الفكر العربي في بواكيره الأولى ( مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في 12 جزءا، دار دمشق، دمشق، 1982م، ص 199، و هو يشير إلى وجود علاقة تاريخية داخلية جمعت بين الأسطورة و السحر المنبعث خلالها، و إن هذه العلاقة هي التي يبحث عنها الناقد.

-              مصطفى الصاوي الجويني: معالم النقد الأدبي، منشأة المعارف، مصر، د.ت، ص 472،  و يقول بأهمية النقد في تعمق الصور أو تسطحها و يدور ذلك التعمق أو التسطح حول التأثرية أو الذاتية أو العاطفية. و كلها تقترب من الصورة الفنية نقدا فنيا للمعنى.

-              مصطفى ناصف : نظرية المعنى في النقد العربي، الأندلس، بيروت، ط(2)، 1981م، ص 144، ودرس جماليات اللغة : من شاعرية تسمي الأشياء، و صور تحكي عنها، ثم افترض أن إلحاق الناس للشمس ما هو للأسد من صفات هو من قبيل القصصص أو الأساطير و على الناقد أن يبحث عن هذا، و ألا يقف عند الظاهر اليسير من التقدير فقط – على حد قوله - .

-              محمد غنيمي هلال: الأدب المقارن، العودة، بيروت، ط(3)، 1962م، ص 306 – 321، و يمكن تلخيص ما قال، بأن النماذج البشرية المقدمة شعرا أو من خلال العمل المسرحي ما هي إلا نماذج مأخوذة من الأساطير القديمة، كبجماليون عند توفيق الحكيم. و افترض وجود نماذج لها مصدر في الأساطير الشعبية عند الشعوب، كشهرزاد و فاوست عند طه حسين و توفيق الحكيم.  كما افترض وجود شخصيات تاريخية اكتسبت طابعا أسطوريا، كمجنون ليلى و كليوباترا عند أحمد شوقي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصادر و المراجع

 

الكتب :

-              أبو كريشة، طه مصطفى: أصول النقد الأدبي، لبنان ناشرون، لبنان، ط(1)، 1996م.

-              تيزيني، طيب: الفكر العربي في بواكيره الأولى ( مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في 12 جزءا، دار دمشق، دمشق، 1982م.

-              الجويني، مصطفى الصاوي: معالم النقد الأدبي، منشأة المعارف، مصر، د.ت.

-              محمد،سماح رافع : المذاهب الفلسفية المعاصرة، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط ( 2 )، 1985م، و طبعة الكتاب الأولى عام 1973م.

-              ناصف، مصطفى: نظرية المعنى في النقد العربي، الأندلس، بيروت، ط(2)، 1981م.

-              هلال، محمد غنيمي: الأدب المقارن، العودة، بيروت، ط(3)، 1962م.

 

الدوريات :

 

- البازعي، سعد : علم السرد، مقال مأخوذ عن طريق الباحث العربي لـ ( google ) في الإنتر نت، و الإشارة في المقال تقول بأنه مأخوذ عن مجلة الآداب الأجنبية، ع 106، ربيع و صيف 2001م.

- خليل، أحمد خليل : نظرات إلى الأشياء، مقال لكلود ليفي ستروس، مجلة الفكر العربي، بيروت، مج 15، ع 77، صيف 1994م، ص 201 – 214.

- ديب، ثائر، بنية الأسطورة ( كلود ليفي شتراوس و التحليل البنيوي للأساطير )، مقال لإدموند ليتش، مجلة المعرفة، سوريا، السنة الخامسة و الثلاثون، ع 397، تشرين أول 1996م، ص 30 – 63.

- عبد الهادي، محمد : ليفي ستروس ( الأنتروبولوجيا البنيوية ، الأساطير، النصوص، و العلامات اللغوية )، مجلة كتابات معاصرة، مقال لكلود ليفي ستروس، مج 7، ع 26، آذار 1996م، ص 119 – 125.  

- العليمي، سعيد : التحليل البنيوي للأسطورة، مقال لسايمون كلارك، مجلة القاهرة، القاهرة، ع 10، مارس 1996م، ص 100 – 110.

- القبيسي، حسن : بنية الأساطير، مقال لكلود ليفي ستروس، مجلة الفكر العربي، بيروت، مج 15، ع 77، صيف 1994م، ص 147 – 168.

- المحاويلي، عصام : دراسة الهيكل البنيوي للأسطورة، مقال لكلود شتراس، مجلة تراث الإنسانية، القاهرة، س 7، ع 5، 6 حزيران 1976م، ص 5 – 12.

تعليقات