سلسلة محاضرات عماد الخطيب في (كيف أنقد):
النّقد
بالمنهج التاريخي

هو
أول منهج نقدي معمول به في العصر الحديث ، وسنجد تداخلا بين المنهج التاريخي
والمنهج الاجتماعي لآنهما يبحثان في البيئة ، فهو طريق للتداخل بين المنهجين.
وهو
منهج نقدي يركز على العلاقة المتينة بين العمل الادبي والمجتمع الذي يتغير بفعل
الزمن ؛ كتغير عاداته وتقاليده وأزيائه وانماطه...
ويدور
حول: التاريخ والاهتمام به ، والذوق ، والمعرفة بما للنص من مكانة ، وقدرة التحصيل
الأولية عن النص ، ثم قدرة التحصيل الختامية عن النص ، مع عدم إغفال دور التاريخ
في التحليل..
*مؤسسه:
بدأ
مع مجموعة رواد من النقاد الفرنسيين .. وعلى رأسهم المؤسس الأول للمنهج : (سانت بيف / 1804م _ 1869م) عندما دعا إلى العناية
بالشخصيات الأدبيه وألى دراستهم دراسه عضوية واجتماعية .. وهو أول من دعا إلى
تأسيس تاريخ طبيعي للأدب.
ويعد
الناقد الفرنسي (غوستاف لانسون: 1857م _1934م ) المؤسس الحقيقي للمنهج الذي أرسى قواعده،
وكان مساعدآ لـ : (فرديناند برونتير : 1849 _ 1906 )، في جامعة السَوربون بفرنسا... وهو احد تلاميذ (هيبوليت تين :1828م _
1893 )، ويعد في نظر بعض
النقاد مؤسس التاريخ الأدبي ، ومن أهم منجزاته أنه جمع بين قواعد البحث العلمي،
ومتطلبات الذوق... وبذالك يكون قد تعرض لكتابة تاريخ طبيعي للأدب أو
لفنونه من خلال تناسلها بعضها عن بعض...
*رواد المنهج التاريخي:
1. سانت بيف : 1804- 1869
2. هيبوليت تين : 1828- 1893
3. فرديناند برونتير : 1849- 1906
4. غوستاف لانسون: 1857- 1934
*مسيرة المنهج التاريخي :
1. بدأ فعلا عندما دعا الناقد
الفرنسي (سانت بيف : 1804 – 1863) إلى العناية بالشخصيات الأدبيه وإلى دراستهم
دراسة عضوية واجتماعيه، ثم انصب اهتمامه على دراسة الشخصيات وعصرها ولم يهتم
بدراسة النص الأدبي ذاته، حتى أنه درس الأدب بعده نتاج عبقرية أوشخصيه لها ظروفها
الخاصه التي يجب أن يدرسها في إطارها فهو يدرس الأحداث السياسيه والأحداث
الاجتماعيه و ما يهم الشخصيه، حتى خصوصياتها.
2. ثم جاء الناقد
الثاني الفرنسي (هيبو ليت تين : 1828 – 1893م) تلميذ (بيف) ووضع قوانين عامة تطبق على جميع الأفراد، وهو
قانون الجنس / العرق والبيئة والزمان. وقال بأن قوانين الأدب كقوانين الطبيعة. وأدباء
كل أمة يخضعون لهذا القوانين خضوعا جذريا
*انتقادات تعرض لها (تين):
أ- أنه أنكر الأصالة
عند المبدع.. و تعنى الأصالة حق المبدع في الابتكار !
ب- تجاهل العبقرية عند
الأديب، وهي عنده تنتج لظروف مشتركة.
ت- إذا سلمنا لما قاله
فيكون الأدب تقليديا مثل القالب .. شكل بلا لون أو طعم !
3. ثم جاء الناقد
الفرنسي (فرديناند
برونتير : 1849 – 1906) واتجه اتجاها آخر فطبق نظرية (داروين) على الآدب لبيان كيفية نشوء الأجناس الأدبيه،
وكيف نمت وتطورت من عصر ألى عصر آخر، وأن الأنواع الآدبيه عندها نشوء وارتقاء
*مشكلة نظرية (فرديناند
برونتير) :
أنه
أخضع الدراسة الأدبيه لروح المذهب والعقدة ولذالك تصعب لهذه النظرية وطبقها وهذا
أفسد الكثير من أحكامه لذا أصبحت نظريته تدرس ضمن تاريخ ألدب وليس في المنهج
التاريخي.. ومن هنا كان المنهج التاريخي غير دقيق لآنه لايجوز أن يحكم
على عصر كامل من خلال دراستك لظاهرة واحدة، والأصل أن تدرس الظواهر وأن تخرج بحكم
مطلوب.
*من النقاد العرب المتأثرين
بالمنهج التاريخي :
1. طه حسين قي كتابه (مع المتنبي )،(ذكرى أبي العلاء).
2. محمد مندور، في أكثر
من كتاب..
3. عباس العقاد، في
كتابه شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي .
*مثال على المنهج التاريخي
:
0 في العصر الحديث يدرس
ضمن المنهج التاريخي ما صدر ضمن ( مدرسة الديوان) فقد غلب على أشعارهم جانب من الرومانسية الداكنة
(سوداء، عابسة، حزينة) اليبب في ذلك هو أن
الشعراء في تلك الفترة كان شعرهم تصويرا لآحاسيس الفجيعة الناتجة عن الحرب
العالمية الأولى في تلك الفترة.
*المنهج التاريخي من النقد
العربي القديم :
لعل
ماصنعه (ابن
سلام الجمحي)
في كتابه (طبقات
فحول الشعراء)
يعد مثالآ مهمأً للرؤية التاريخية النقدية التي تقيس الأدب في ضوء عوامله
التاريخية التي أثرت فيه وطبعة ببصمتها؛ فقد خصص – وهذا معلوم مباحث منه الشعراء
القرى العربية ، وأخرى لشعراء المدينة ، وغيرها وهو يوحي بأثر في كل طائقة وتميزها
بالاستقلال ..
كما
كان ذلك وراء إدراك (الأصمعي) لفحولة شعر (حسان بن ثابت) ، وما نشهده في كتب النقد العربي القديم من مظاهر جعلت البيئة
والعرق رمزاً للمشاهدة النقدية وذلك طرف من اطراف الرؤية التاريخية في النقد. كان
أوقاها حكم (القاضي
الجرجاني)
في (الوساطه)على شعر (عدي) بالسلاسة, وأنه أسلس من
شعر (الفرزدق)؛ لآنه لزم الحاضرة
وابتعد جفاء الآعراب وجلافة البدو.
*عيوب المنهج التاريخي :
1. لايقدم المؤلف
للمؤرخ فائدة في معرفة التاريخ، فالشاعر المبدع قد يخالف بيئة لايشبهها ولا تشبه
في حالات بسيطة لاتصلح للاستدلال كما أن في التشابهات بين الفتى الواحد والفقرة
الواحدة عرضية ليست أساسية.
2. إن ربط المنهج
التاريخي بأدباء عصر معين أو بيئة معينة هو عملية جبرية فيها خروج عن المنهج
الموضوعي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تطبيق:
حلل وفق المنهج التاريخي
نص( مع المتنبي): (الشاعر إبراهيم الخطيب - الأردن) التالي:
يا سيد الشعر هل يسمو
القصيد بنا
أم إنه قمةٌ تسمو بها
القمم
قتلتَ نفسك كي تحيا ومن
عجب
أن القصائد نبنيها وننهدم
فهل شفيتَ غليلاً قد نذرت
له
ذكرى تنز ولا تشفى وتلتئم
الخيل والليل والبيداء
جاحدة
ففي الصحارى تحدى ذئبها
الغنم
أرثيك أم أحشد الدنيا على
غضبي
من قاتل وقتيل كيف أنتقم؟
أما عرفتَ بأن الشعر
مصيدة
فالمبتدا نغم والمنتهى
ندم
نطوع اللغةَ الرعناء
نهزمها
لمرتين ثلاثاً ثم ننهزم
نشد حرفاً إلى حرف ونوثقه
فنرتخي وعُرانا بعد تنفصم
لكنه أجمل الفوضى نعاقرها
نلم أشلاءنا فيها وننتظم .
تعليقات
إرسال تعليق