سلسلة
محاضرات عماد الخطيب في (الأدب ونقده):
قصيدة النّثر
قصيدة
النثر : المصطلح والنظرية ، روافدها وبداياتها ، سماتها الفنية ... |
أعلام
قصيدة النثر : يوسف الخال ، توفيق صائغ ..وآخرون.. |
رتبها ووضع أسئلتها : د.عماد الخطيب
- ماذا أطلق على هذا
النمط من الشعر ؟
- النثر الشعري.
- الشعر المنثور.
- النثر المشعور.
- النثر الفني.
- قصيدة منثورة.
- قصيدة نثرية.
- شعر طليق.
تعريف قصيدة النثر عند الرواد :
الشعر المنثور الذي يعرفه أمين الريحاني قائلا: >يدعى هذا النوع
من الشعر الجديد. بالإفرنسيةVers
Libres وبالإنجليزية Free Verse أي الشعر الحر
الطليق - وهو آخر ما اتصل إليه الارتقاء الشعري عند الإفرنج وبالأخص عند
الإنجليز والأمريكيين. فشكسبير أطلق الشعر الإنجليزي من قيود القافية. وولت
وتمن Walt Waiman الأمريكي أطلقه من قيود العروض
كالأوزان الاصطلاحية والأبحر العرفية. على أن لهذا الشعر الطليق وزنا جديدا
مخصوصا وقد تجيء القصيدة فيه من أبحر عديدة متنوعة[1]
ولتوفيق الحكيم تجربة يعبر عنها قائل: >ولقد أغراني هذا الفن الجديد في
السنوات العشرين من هذا القرن وأنا في باريس بالشروع في المحاولة، فكتبت بضع
قصائد شعرية نثرية من هذا النوع، وهو لا يتقيد بنظم ولا بقالب معروف[2]
أما حسين
عفيف فقد عرفه بأنه: >يجري وفق قوالب عفوية يصبها ويستنفدها أولا
بأول، لا يتوخى موسيقى الوزن ولكنه يستمد نغمته من ذات نفسه. لا يشرح ومع ذلك
يوحي عبر إيجازه بمعان لم يقلها، ليس كشعر القصيد ولا كنثر المقال ولكنه
أسلوب ثالث<.
وفي تعريف آخر له يقول: >الشعر
المنثور يتحرر من الأوزان الموضوعة ولكن لا، ليجنح إلى الفوضى، وإنما ليسير
وفق أوزان مختلفة يضعها الشاعر عفو الساعة ومن نسجه وحده، أوزان تتلاحق في
خاطره ولكن لا تطرد، غير أنها برغم تباين وحداتها، تتساوق في مجموعها وتؤلف
من نفسها في النهاية هارمونيا واحدة، تلك التي تكون مسيطرة عليه أثناء الكتابة[3]
البداية الفعلية لقصيدة
النثر، والرواد :
ترجع
بدايات قصيدة النثر إلى جماعة مجلة شعر التي
أسست في بيروت 1957م بريادة كل من يوسف الخال، وخليل حاوي، ونذير العظمة، وأدونيس، ثم انضم إليها: شوقي أبو شقرا وأنسي الحاج، ودعمها من خارجها جبرا إبراهيم جبرا و سلمى الجيوسي.
اختاري نموذجًا لأحدهم واعرضي سماته ..
تعريف
قصيدة النثر المعتمد عند أنصارها:
أوردت الموسوعة العربية العالمية تعريفا يتضمن
أغلب مقولات أنصارها، حيث عرفتها بأنها:
" جنس فني يستكشف ما في لغة النثر من قيم
شعرية، ويستغلها لخلق مناخ يعبر عن تجربة ومعاناة، من خلال صور شعرية عريضة
تتوافر فيها الشفافية والكثافة في آن واحد، وتعوض انعدام الوزن التقليدي فيها
بإيقاعات التوازن والاختلاف والتماثل والتناظر معتمدة على الجملة وتموجاتها
الصوتية بموسيقى صياغية تحسُّ ولا تُقاس "
وتذهب سوزان برنار إلى أنَّ قصيدة النثر
هي: «قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، موحّدة، مضغوطة، كقطعة من بلّور...خلق حرّ،
ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجاً عن كلّ تحديد، وشيء مضطرب،
إيحاءاته لا نهائية».
نشأتها :
أين نشأت ؟
لقد برزت قصيدة النثر وتطورت في الغرب .
متى نشأت ؟
في نهاية القرن التاسع عشر .
هل لها جذور شرقية ؟
نعم.
كيف؟
إن
جذرها مستمد من الشرق، في ملحمة كلكامش ، التي كتبها السومريون في بلاد ما بين
النهرين ، كما أن النتاجات النثرية الآرامية لاحيقار الحكيم ، كاتب الملك سنحاريب
وحامل أختامه وقصته المعروفة مع نادان ابن أخته ، والتي ترقى إلى القرن السابع قبل
الميلاد ( 680 ق . م ) ، هي أيضاً نمطاً من الكتابة النثرية .
-سمّي أشهر شعرائها
العرب ؟
يوسف الخال وأدونيس
وأنسى الحاج ومحمد الماغوط وتوفيق الصائغ أصحاب مجلة (شعر) ،
ثم أصحاب مجلة
(أبولو) وجماعة مجلة (الكلمة) العراقية ويأتي في مقدمتهم الكاتب حميد المطبعي .
خصائص قصيدة النثر :
1 ــ لا وزن فيها ولا قافية.
2 ــ لا ديكورات فيها ولا توظف أيا من المحسنات البديعية ولا يخضع نمط
التفكير فيها لقوانين الفكر المعروفة وإحكام المنطق السائد. الشاعر يرسم
أجواء قصيدته وفق منظوماته الفكرية الخاصة وحسب متطلبات منطقه الخاص الذي
يبدو للقارئ وكأنه لا منطق أو أنه ضد المنطق لكل شاعر عالمه الخاص الذي لا يضاهيه
أحد فيه.
3 ــ أواخر الجمل والسطور والمقاطع جميعا ساكنة من غير استثناء.
4ــ الكثير من مفردات القصيدة الداخلية قابلة للقراءة من غير حركات. سكون شبه
كامل وقصيدة بلا حركات. وبهذا فإنها من بعض الوجوه شبيهة بقصائد الشعر العامي،
شعر اللغة المحكية والدارجة الذي يسمي في المملكة العربية السعودية الشعر النبطي
. القصيدة تبدو كعالم هامد مسطح يفتقر إلي جهاز تنفسي، لأن في التنفس يتحرك الصدر
إلي الجهات الأربع. حركات الإعراب في لغتنا هي حقا ومجازا عمليات تنفس تتحرك الكلمات
معها وفيها فتمنحها نسمة روح الحياة ودفء دماء الجسد الحي الجارية.
5 ــ القصيدة غامضة المرامي ومعتمة بشكل مطلق، لذا فإنها عصية علي الفهم
والتفسير، حتى علي شاعرها نفسه...
6 ــ اسفنجية البناء والتركيب
والقوام، لذا فإنها قابلة للضغط والاختزال والشطب وتبديل مواضع الكلمات
والجمل. إنها ملساء هشة، كالأفعي، أخطر وأضعف ما فيها رأسها. ويستوي في ذلك
السام وغير السام من الأفاعي كما يعرف الجميع. [6]
مثال على شاعر من شعراء
قصيدة النثر :
أدونيس ( علي أحمد سعيد )
:
يدعي أدونيس أنه أول من
أطلق مصطلح (قصيدة النثر) في العربية
ترجمة للمصطلح الفرنسي,وذلك في مجلة شعر ذاتها عام .1960م، ففي فرنسا كانت إرهاصات ثم ولادة هذا
النوع الشعري الجديد,وذلك في منتصف القرن التاسع عشر,وأهم من أسهم في تشكيل
هذا النموذج الشعري في تلك المرحلة هو الشاعر الفرنسي بودلين 1821-,1867وإن
كان لا يعد من أهم أو أشهر الشعراء الذين كتبوا قصيدة النثر في فرنسا,مثل:رامبو,وبريتون.
في طروحاته يتجاوز أدونيس مسألة أن
قصيدة النثر مستوردة,وبأنها بالتالي منفصلة عن التراث الشعري العربي,لأنه
يجده طرحاً لا مبرر له,ولا علاقة له بالشعر.فالمنجز الأدبي بالنتيجة هو تجربة
إنسانية عامة,لا تنتمي إلى الحيز الجغرافي بحدوده السياسية,ولا تحتمي
بالقوميات والإثنيات.فالإبداع حسب هذا المفهوم يتخطى كل الطروحات القائمة على حسابات
ليس لها علاقة بالمفهوم الشمولي الحضاري.
علماً أن أدونيس لا يرى الحداثة في
الراهن والآني زمنياً,لأن الحداثة لا تربط بين الشعر المعاصر والشعراء
المعاصرين حصراً,بل الحداثة مشروع حضاري متقدم,ومستمر إلى الأمام,في صيغة تفاعلية
دائمة,فالتوقف في مرحلة معينة,على أهميتها,هو فشل حتمي لمشروع الحداثة ككل.
لهذا يرى أدونيس أن
معظم ما كتبه الشعراء في قصيدة النثر لا يمت إلى الحداثة بصلة,بل هو تراكم كمي,لأنه شعر سيء جداً,وهذا لم يكن في مصلحة
قصيدة النثر,وإن ساهم في انتشارها على نطاق واسع.
بل تبني قصيدة النثر دون رؤيا
حداثوية حقيقية أضر بقصيدة النثر كمشروع شعري عربي,ولم يقدم شيئاً للحداثة
العربية كمفهوم أدبي ناضج ومتطور حضارياً,لهذا كان عبئاً على تلك الحداثة الشعرية,لأنه
كان طفيلياً لا يمثل غير ذاته,لهذا هو محكوم بالسلفية الإبداعية,ولا يمثل
بالنتيجة غير إفراز آني لمرحلة مختلفة,وإن كانت معاصرة,لأن المعاصرة لا تعني الحداثة
بالضرورة.
لكن لا بد من الإشارة والتنويه هنا
إلى أن أكثر نقاد الحداثة في العالم فصلوا فصلاً حاداً بين الكاتب
ونصه,وأشهرهم الناقد الفرنسي المعروف رولان بارت,الذي أعلن موت المؤلف,أي الشاعر
بالنتيجة,ولكن أدونيس الذي ينظر للحداثة الشعرية عالمياً يرفض هذا الموقف,ويجد
أنه فصل تعسفي,وغير شرعي,لأنه يؤكد على حتمية جامدة,فالقصيدة هي التي تنتمي
إلى الشاعر,وإن كان الشاعر لا ينتمي إلى القصيدة بالمطلق.
على الرغم من أن أدونيس من أهم
كتاب ونقاد قصيدة النثر,فإننا قد نجد أحياناً ثمة التباس وغموض في موقفه
تجاهها,برغم أنه يدعي إصراره على الوضوح والجلاء في كل ما كتب.
فأدونيس يجد أنه عندما يكتب قصيدة
النثر لم يكتبها كما فعل الشعراء الفرنسيون الكبار على أهميتهم,أو حتى حسب
نظريات النقاد الفرنسيين,بل يجد نفسه أقرب إلى شعراء آخرون,ومنهم وولت ويتمان,وسان
جون بيرس -الأخير ترجم أدونيس أعماله الشعرية إلى العربية- والإشكالية لا
تكمن هنا,بل في قوله (وهكذا لا أعد نفسي بين كتاب قصيدة النثر.ص122)!!
إذا يظل باب التأويل مفتوحاً على
قصيدة النثر,وهذا لا ضير منه,ولكن أن يظل الجدل عقيماً,وكحوار الطرشان,فلا
يقدم فائدة,بل لغواً مسيئاً لمتعاطيه.
حيث إن إعادة طرح قضية قصيدة النثر
مؤخراً,لم يخرج عما قيل منذ حوالى النصف قرن,أي كان عبارة عن تكرار لا يؤسس
لمفهوم جديد,طالما ما يقال كان عبارة عن قصور رملية تعاد لتبنى كي تنهار,دونما
جدوى.
والسبب يعود إلى أن النقاش تقصد
بالدرجة الأولى التركيز الحصري على السكون والحركة في أحرف القصيدة,دون
الاهتمام بالدرجة الأولى بهذه القصيدة بذاتها,فإذا صغنا نشرة أخبار على وزن
مستفعلن فهل أصبحت نشرة الأخبار قصيدة?! وإذا وزنا طلب مشروع للصرف الصحي على نمط
متفاعلن فهل كتبنا شعراً,بل إذا قطعنا مقالاً سياسياً في جريدة إلى سطور غير موزونة
فهل كتبنا شعراً منثوراً?! بل هذا كله يبدو كأننا قضينا سنوات عمرنا في صناعة
عربة مزخرفة,ولم نفكر يوماً في الحصان الذي يجرها,وذلك يعني بقاءنا حيث نحن وإن
كان لدينا عربة.
لهذا سيظل جدل قصيدة النثر مطروحاً
لأكثر من خمسين سنة أخرى -وربما أكثر- إذا ظللنا نفكر ونكتب بهذه الطريقة.
طبعاً إذا بقي بعد نصف قرن من يكتب
الشعر,أو يتذوقه,أو يعنى بشؤونه,على الكرة الأرضية!!!
حللي
وارسمي لوحة نقدية للنص التالي :
قصيدة نثر :
مرثية الحلاج
ريشتك المسمومة الخضراء
ريشتك المنفوخة الأوداج
باللهيب
بالكوكب الطالع من بغداد
تاريخنا وبعثنا القريب
في أرضنا- في موتنا المعاد.
***
الزمن استلقى على يديك
و النار في عينيك
مجتاحة تمتد للسماء
***
يا كوكباً يطلع من بغداد
محملاً بالشعر و الميلاد،
يا ريشة مسمومة خضراء.
***
لم يبق للآتين من بعيد
مع الصدى و الموت و الجليد
في هذه الأرض النشورية
لم يبق إلا أنت و الحضور
يا لغة الرعد الجليلية
في هذه الأرض القشورية
يا شاعر الأسرار و الجذور..
:
الديوان
النثري لديوان الشعر العربي الحديث (مقدمات، مقالات، بيانات) .
[2]توفيق الحكيم: رحلة الربيع والخريف ، دار المعارف، القاهرة 1964م .
[3]عز الدين المناصرة: قصيدة النثر" إشكاليات التسمية والتجنيس
والتأريخ ".
سوزان برنار: (جمالية قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا).
. خالد الخزرجي ، قصيدة النثر ..
[6]http://aladab.own0.com/t3468-topic
[7]http://thawra.alwehda.gov.
تعليقات
إرسال تعليق